CENTER FOR DEMOCRACY IN LEBANON™
|
|
Presidential Thoughts by Marwan Y. Sadek* | November 10, 2005 خواطر رئاسية
بقلم مروان ي. صادق* | 10 تشرين الثاني 2005
يدأب البعض ممن يخالجه حلم الرئاسة الأولى ومعه من يزعم الغيرة على المقام ويخشى على مصالح الموارنة والدور المسيحي في لبنان (للذة في نفس يعقوب) ومعهم قوم من المتمورنين الجدد (من الموارنة وغيرهم) على التبصر في صفات الرئيس العتيد دونما الدخول (معاذ الله) فيما يسمّونه "لعبة الأسماء" وكأني بهم يبحثون عن شبح يوكلون اليه قصر بعبدا. يحدثونك عن صفات الرئيس المطلوب وكأنهم يحاولون في كل حين ان يلبسوا تلك الصفات وينتظرون منك ان تراها فيهم وتقول سبحان الله! حبذا لو كان للشعب في وطني صوت ينبذ به التقاليد الطائفية البالية ومعها كلّ الطائفيين ممن استباحوا الدين والطائفة والحرمات ليشتركوا معا في استباحة الوطن ونهب الشعب. حبذا لو أنّ شعبي ينتفض اليوم على ساسته واشباحهم واحزابهم وميليشياتهم وشعاراتهم الرنانة الغوغاء. حبذا لو انه ينتفض واحداً، ولو مرة، من اجل لقمة عيشه وحرية قراره ومستقبل أولاده... "حلوم ربات الحجال" يغضب منهم الامام علي (رضي الله عنه) وموتى مشتّتون يبكي عليهم يسوع الناصري بكاءه على إلعازار وأورشليم. شعب ينساق وراء ساسة لم يعدموا في يوم من الأيام ورقة تين يستترون بها: من الاحتلال، الى المقاومة، الى التحرير، الى الاستقلال... ناهيك عن الديمقراطية... والديمقراطية آخر موضة أوراق التين في بلادي. يلبسها الاقطاعي ورجل المال والسمسار والجزّار والحرامي والعميل وحتى الخائن... وإذا بهم، بسحر ساحر، يتحولون رؤساء لقاءات ديمقراطية وجمعيات ديمقراطية وندوات ديمقراطية واعضاء في البرلمان... يخاطبونك عن الأصول الديمقراطية ببلاغة الغانية تخطب بالعفة. أيّة ديمقراطية تلك التي تفرز الشعب طوائف تنفرد كل واحدة بتمثيل ذاتها في الحكم. فيختار أهل السنة لأنفسهم وبعض سواهم من يسمّيه آل الحريري رئيساً للحكومة (مع احترامي لكفاءة الرئيس السنيورة)، ويختار أهل الشيعة لأنفسهم بأنفسهم زعيمهم رئيساً للبرلمان (مع احترامي لدولة الاستاذ برّي)، ويختار آل جنبلاط عن طائفة الموحّدين الدروز ممثليها في الحكم (مع فائق احترامي للشّهيد الحيّ مروان حمادة). كلٌ يختار من طائفته على قياس طائفته... ثم يأتي دور الشريك الآخر وقد أوكل أمر تمثيله في مثلث الرئاسات الى الطائفة المارونية. فماذا يريد الموارنة في رئيسهم وهل تراهم يختارون؟
الصفات مارونياً دون زغل ولا خجل بمارونيته. إبن الجبل الأشم. ركع وصلّى في كنائس الموارنة من زغرتا وجبّة بشري الى تنّورين والعاقورة ومن جرود كسروان الى أعالي المتن دون تقليل بمارونية الموارنة "جنوب خطوط التماس." مارونياً يشهد للحق ويقول "الحقيقة مهما كانت صعبة". مارونياً صمد خلف متاريس الكرامة مع قوافل الأبطال والشهداء، و"وقف ولو مرة واحدة على قبر شهيد" من الرفاق. مارونياً مؤمنا بالعولمة نهجاً يتخطى القوميات الأقليمية (السورية والعربية) نحو العالم الواحد الحر. مارونياً صاحب رؤيا متفهمة لواقع لبنان الطائفي، حريصة على وحدة شعبه وتعدديته، وساعية لنقله من مجاهل الطائفية الى معالم المواطنية. مارونياً يستمد زعامته من القاعدة المسيحية دونما ارتهان لزعيم آخر أو لطائفة أخرى. فالمسيحيون عانوا طوال فترة تعريب لبنان واحتلال سوريا لأراضيه وقراره، من مصادرة قرارهم الحر. فكانت أصوات جمال عبد الناصر وياسر عرفات وحافظ الأسد و إبنه بشّار تعلو دائماً على الصوت الماروني الحر وحتّى على الصوت اللبناني مجتمعاً. حتّى أنّ بعض الموارنة استساغ العمالة للعروبة حيناً ولسوريا أحياناً (ولا ننسى بعضهم و إسرائيل) طمعاً بالوصول إلى سدّة الرئاسة. وامّا اليوم، وقد انسحب الاسرائيليون وأفل نجم العروبة وتراجع الطغيان السوري، فمن حقّ الموارنة ان يكون لهم خيارهم الحر اسوة بشركائهم في الوطن. ومن حق لبنان على الموارنة ان يكون خيارهم لبناني دون زغل ولا خجل بلبنانيته. رئيساً لم يتسكع يوماً على عتبات الباب العالي في بلاد الشام أو عنجر أو على أبواب السفارات من الرياض الى القاهرة ومن باريس الى واشنطن. رئيساً قوته من قوّة شعبه، يؤمن بلبنان وهويته اللبنانية... رئيساً قادراً على العمل مع شركائه في الحكم وإن كان بعضهم (حتّى لا نقول معظمهم) من مخلفات العصور العربية والسورية الفاسدة البائدة...
لقد حدد زعيم اللقاء الديموقراطي السيد وليد جنبلاط أصول اختيار الرؤساء الثلاثة في لبنان يوم قال انه من حق شيعة الجنوب وحدهم ان يسموا رئيس مجلس النواب الشيعي فكان من كتلتي أمل و حزب الله ان سمّيا الأستاذ برّي الذي يعكس تطلّعات اكثريّة الشيعة في لبنان و انتخبته أكثرية نيابية، حتى المنتفضون على سوريا من جماعة جنبلاط و الحريري، رئيساً للمجلس رغم ولائه المكشوف للمصالح السورية. و قد اتّبعت القاعدة الجنبلاطيّة من قبل زعيم تيّار المستقبل السيد سعد الحريري فاستأثر لتيّاره عن السنّة تسمية الاستاذ السنيورة للرئاسة السنّية. لذا تطبيقاً للقاعدة الجنبلاطيّة، واسوة بشركائهم الشيعة و السنّة، تقضي العدالة والمساواة أن يترك للموارنة في عقر الموارنة من زغرتا الى المتن و من انتدبوا لتمثيلهم في الندوة النيابية، أن يسمّوا الرئيس الماروني المقبل للجمهوريّة. اللهم ان كنّا نريده حقّاً مارونيّا و ان كنّا نريد فعلاً العدالة و المساواة و الوحدة الوطنيّة و استمرار الجمهوريّة بسلام... و الا فعلى لبنان الواحد السلام. و ليعذرنا بعض أهل الصحافة والرأي ممن يزعم الغيرة على الدستور والجمهورية إذا كانت هذه الصفات أقضت مضاجعهم. فهم لم يبدوا امتعاضاً و لم يحرّكوا ساكناً حين مرّر أسيادهم قانون الإنتخاب و مرّروا أيضاً صفقة رئيس مجلس النواب و قرّروا أيضاً تعطيل (أو حلّ) المجلس الدستوري. هل أنّ الجمهورية و الدستور حكم على المسيحيين و الموارنة فقط؟ أما الباقون فيحللون ويحرمون كما يحلو لهم؟ لا... لا... وألف لا! إمّا جمهورية واحدة و دستور واحد و جيش واحد وسلاح واحد من الجميع وللجميع و إمّا "دوقيَّة و إمارة" و مزارع طائفية "عليّ و على أعدائي يا ربّ".
لعبة الأسماء و نبحث فيها الصلاحيّة المارونية (فقط) للرئاسة والمعيار هو ماروني على قياس لبنان الواحد يفي بالصفات الآنفة الذكر.
عن فئة قرنة شهوان نستعرض الاسماء التالية: جبران تويني: روم أرثوذكس قد يغيّر الى ماروني فيما لو قدّرت له الرئاسة. مشكلته أنّه أشبه بطبل رنينه عالٍ لكنّه أجوف. و مع احترامي لإرثه الصحافي العريق، إنّ النائب تويني (الحفيد) سفسطائي لا يملك مقوّمات رجل الدولة و لا حتى رجل السياسة. فهو من موقعه المميّز في البرلمان، و قد مضى على استنيابه أكثر من ستة أشهر، كان يقدر أن يكون همزة وصل بين قاعدته الإنتخابية (آل الحريري) و القاعدة الشعبية المسيحيّة. إلا أنّه آثر ان يكون فريقاُ في خندق المواجهة السياسية مع المسيحيين. فارس سعيد و منصور غانم البون: توأمان بالروح والسياسة. لا يمكن انتخاب الواحد دون الآخر والرئاسة الأولى في لبنان غير مهيأة للأزواج (إثنان معاً). على كلّ، أكل الدهر عليهما و شرب؛ فقد ألغيا مؤخّراً من المعادلة السياسيّة. فارس بويز: وزير خارجيّة النظام الأمني السّوري في لبنان خلال حكم عمّه الياس الهراوي. لا يصلح رئيساً في زمن الحرّية. نايلة معوض: تظنّ نفسها "تشيتشولينا" الموارنة. لكنّها تفتقد الى الطلة واللإطلالة و المنطق اللغوي و المنطق الفكري. كادت أن تكون أوّل لبنانيّة أولى في عهد الوصاية السورية لولا سوء حظّها. نسيب لحّود: دبلوماسي مرن و رجل هادئ الطباع، لكنّه سياسي غامض. يفتقد إطلالة القائد والقاعدة الشعبية. يصلح أن يكون وزيراً للخارجية حين يأتي دور الموارنة في هذا المنصب. بطرس حرب: ملتوٍ ومتقلّب. ضبابيّ يفتقد الى الشفافية و الى القاعدة الشعبية المارونية الواسعة. أضف الى ذلك أنّه طرح نفسه على السوريين بديلاً للحّود في عام 2004 روبير غانم: ماروني "لايت" لا يفي بالمواصفات العامّة (لا شخصيّاً و لا جغرافياً). أمين الجميّل و لفيفه و نسله: جرّبناهم مرّة وتفاقمت الحرب وكان الخراب الإقتصادي وكان الإنحلال الإجتماعي "و لا يلدغ المؤمن من الجحر مرّتين". طامع بزعامة كانت لوالده وانتقلت الى أخيه الشهيد دون أن يقدر هو على ملئ الفراغ .
عن فئة موارنة اليسار أو موارنة سوريا نستعرض الاسماء التالية: غطّاس خوري: جنبلاطي \ حريري يفتقد الى استقلالية القرار و الى القاعدة الشعبية المسيحيّة بشكل عام. تعيينه رئيساً من قبل الأكثرية غير المارونية يدخل البلاد في حرب أهلية جديدة تؤدي الى التقسيم. سليمان فرنجية: إقطاعي تقليدي يفتقد الى المرونة و الرصانة وسائر مقومات الحكم والسياسة في القرن الواحد والعشرين. تخطاه و امثاله الزمن و آن لزغرتا أن تتخطاه أيضاً. أضف الى ذلك أنّه سوري الولاء. جان عبيد: مرشح سوريا الدائم و إن لم يعيّن مرّة رئيساً. لا يمتّ الى حقيقة الموارنة بصلة، و يفتقد الى القاعدة الشعبية المارونية.
عن فئة السيّدات: صولانج الجميّل: لم تخرج بعد من ظلّ زوجها الشهيد (وظلال عائلة و حزب أبيه) لتثبت جدارتها باستقلالية تامّة. ستريدا جعجع: شأنها شأن صولانج. دورها بقي حتّى الآن في ظلال زوجها و لااستقلالية ذاتية او معطيات شخصية ظاهرة حتّى الآن.
عن الموارنة المستقلّين: شبلي الملاط: مفكر و محام و أستاذ في القانون الدولي. نسمة صيف في عقم الحالة السياسية و الفكرية في لبنان. ترشيحه يغني الساحة الرئاسية لكن الأستاذ ملاط يحتاج الى المبادرة و الوقت لتوطيد قواعده الشعبية بين المسيحيين عامة و الموارنة خاصّة.
عن فئة الرجال: سمير جعجع: ماروني أصيل. من صومعة ناسك مؤمن إلى انتفاضة ثائر على الإقطاع الى سجين في زنزانات الاحتلال. رجل صاف لا زغل في مارونيته. قدّ من صخر بشرّي و خشب الأرز وعاش معاناة الموارنة في سيرته و حياته اليومية. "ناسك إيليج" و سجين القهر علمته سنين العزلة الهدوء و التبصّر و التأمّل، لكنها أبعدته عن الحياة العملية والعالم الجديد ما يكفي من الزمن ليعوزه وقتاً مزيداً حتى يستعيد قواه و يعيد تأهيل نفسه للحاضر و توطيد علاقاته بعالم اليوم. مشاكله مع زغرتا و طرابلس ستبقى عقبة في وجه طموحاته ما لم يذللها بالتي هي أحسن.
ميشال عون: عنفوان شعب و براءة مقاومة و قدسية قضية. ماروني حقيقي لا شكّ في مارونيته و لبناني شجاع لا زغل في لبنانيته. فلبنان الذي أراده حرّاً من إسرائيل ومن سوريا بدأ ينجلي. و مسيرة التحرير التي أطلقها في 14 آذار 1989 تكللت بوحدة شعبية حول مبادئه في 14 آذار 2005 أعطاه المسيحيّون، و بعض المسلمين، ثقتهم يوم التحفوا العراء في ساحات بعبدا دفاعاً عن حرية سليب، و حرصاً على بطولة قائد ونهلاً من منبع وطنيته. و حافظوا على ولائهم له طوال فترة منفاه و جددوا هذا الولاء بعد عودته و في صندوقة الإقتراع. فجعلوا منه بالتالي الماروني الوحيد الذي يجمع تحت رايته أكثرية المسيحيّين و عدداً كبيراً من المسلمين واللبنانيين الشرفاء. يتّهمه البعض بأنّه يفتقد الى التكتيك العملي للوصول الى أهدافه. لكنّ بعضاً آخر يرى في ذلك إيماناً بأهداف نبيلة و وضوحاً لرؤية سابقة لزمانها. يأخذ عليه بعض الميليشيويين أنّه عسكري غير قابل للديمقراطية. و قد يقصدون بذلك أنّه شريف نظيف غير قابل للإفساد. مشكلته اليوم أن الرئيس، و إن يكن مارونياً، لا ينتخبه الموارنة؛ و إن يكن لجميع اللبنانيين، لا ينتخبه جميع اللبنانيين؛ إنّما ينتخبه مجلس للنواب مسخٌ بتشكيلته، بحيث يستأثر السيد سعد الحريري و السيد وليد جنبلاط بالقرار عن سائر النواب من سنّة و دروز و بعض المسيحيين و بعض الشيعة. حتى أن بعض النواب الموارنة (على ما درجوا عليه مع السّوريين) يتسابقون على استرضاء السّيدين الحريري و جنبلاط للإسترآس كما استرضوهما للإستنياب. و بعد مرور نصف سنة و نيّف على دخوله الندوة النيابية، يبدو الجنرال عاجزاً عن تقريب وجهات النظر بينه و بين أعضاء الأكثرية في الجسم البرلماني، فهل يستطيع أن يتجاوز هذه الأكثرية؟ و إن استطاع و انتُخب، هل يقدر ان يحكم معها، أم يتحول الى لحود "الجزء الثاني"؟
من الضرورة لكل مرشح للرئاسة الأولى ان يقف على مسافة متساوية، ولكن متقاربة، من جميع الاطراف. فلبنان لا يحكم عنوةً على أحد. و الفساد في لبنان تقليدٌ يُنشأ عليه المرء منذ نعومة أظفاره. والحضارة في لبنان مُفسَدة منذ تاريخها الحديث. والاصلاح، وإن كان ضرورياً، لن يتمّ بين ليلة وضحاها أو رغماً عن أكثرية غير متعاونة. عبثا يسعى المرء إصلاح الخلل في هذا الجيل دون توفير مناخات النموّ المتساوي و تكافؤ الفرص.
خلاصة تلك هي الأسماء المتداولة ومواصفاتها المارونية الصادقة. أنقلها بكل صدق ويشاطرني الرأي فيها معظم الموارنة الشرفاء و معظم المسيحيين الشرفاء و معظم اللبنانيين الشرفاء. فليكن الرئيس الماروني ولو مرّة مرضياً (فشة خلق) للموارنة وتصريفاً لفعل إيمانهم بلبنان الواحد الحر السيد المستقل. و أيّاً يكن هذا الرئيس، لن يكون مقبولاً مارونيّا و مسيحيّاًً ما لم يحظى بالبركة السياسية من الأكثرية المسيحية المتمثلة بالعماد عون وكتلته. لذلك حذار تهميش العماد مارونيّاً أو لبنانيّاً (كما هُمّش العميد من قبله)، و تركيع المسيحيين ثانية... وعليه، فالخيارات أمامنا واضحة: إمّا أن يستمرّ الوضع القائم بتطبيع علاقة الأكثرية النيابية مع الرئيس لحّود، و إما أن ترعوي الأكثرية النيابية و توافق على انتخاب العماد عون (أو من يسمّيه) كما وافقت على الأستاذ برّي، و إمّا أن يقدم الجميع على خطوة "دون كيشوطية" جريئة و فريدة من نوعها فينتخبوا "مروان ي. صادق" رئيساً للجمهورية. إنّ أيّ خيار آخر هو بمثابة إلغاء للموارنة و المسيحيين و يهدد بتفجير لبنان وقلب المعادلات على رؤوس الجميع.
وبعد لن يبقى أكثرية و لا أقلية و لا من يحزنون.
عاش
لبنان.
* بحّاثة عن الذات العربيّة الضائعة و علامة في فقه السياسة اللبنانية و فلسفة الفكر الطائفي و الإقطاعي في الشرق الأوسط.
|
|